22‏/11‏/2008

الوضع بعد المجلس الجهوي الممتاز




اختلاف في تقييم القرارات الصادرة عن المجلس الجهوي الممتاز وإجماع حول المطالبة بإطلاق سراح المساجين
بعد المجلس الجهوي الممتاز لولاية القصرين انتظر أهالي الحوض المنجمي انعقاد المجلس الجهوي الممتاز لولايتهم وهو ما تم يوم الأربعاء 16 جويلية 2008 ومتابعة منا لردود فعل أهالي الموقوفين والمساجين حول الإجراءات والقرارات المتخذة في المجلس المذكور وجهنا لبعض عائلات المساجين السؤال التالي :
كيف تنظرون للإجراءات المتخذة لفائدة الجهة في المجلس الجهوي الممتاز لولاية قفصة والذي أشرف عليه رئيس الدولة ؟. فكانت الإجابات على النحو التالي .
هنية بن محمود الطبابي والدة السجين فوزي بن عبد الله
حسب ما فهمت فإن ما اتخذ من إجراءات تعتبر خطوة ايجابية في اتجاه إنقاذ الجهة من الخصاصة والحرمان وننتظر تنفيذ تلك القرارات والإسراع بانجاز المشاريع المعلن عنها بالمجلس الجهوي الممتاز ونحن ننتظر المزيد من الإجراءات لرفع حالة الاحتقان والحصار المقيت الذي تعيشه المدينة ويبقى أهم قرار أنتظره ـ كأم لم تعد قادرة على تحمل المآسي ـ هو إطلاق سراح ابني وكل شباب المدينة لأن كل الإجراءات والمشاريع التي أقرها رئيس الجمهورية مشكورا هي لشباب المدينة وخيرة هذا الشباب موجود الآن داخل السجون وينتظر من رئيسه لفتة كريمة لتكتمل فرحتهم وفرحتنا .
جمعة جلابي حرم السجين عدنان الحاجي
يبدو أن الوضع بالرديف لم يتغير وأن الإنجازات التي أعطيت لم تحرك لأهلها ساكنا ولم نر حتى اليوم ما يعبر عن الفرحة بل بالعكس نلاحظ في أعين الناس حزنا عميقا والكل غير مبالي بما قدم لمدينته كأنهم يقولون ينقصنا مع ذلك الكثير فهناك من العائلات من فقدت ثلاثة من أبنائها زج بهم جميعا في السجن وهناك نساء فقدن أزواجهن وأطفالا بكوا كثيرا لفراق آبائهم ومازالوا ، فكيف للفرحة أن تعم البلاد إن وجدت !؟ فرأيي أن قضية الحوض المنجمي كانت حركة سلمية حرص رموزها على أن يكون بالمدينة لجنة تمثلها وتكون قانونية تحاور السلط المحلية وقد استجابت السلطة للنداء في البداية ووعدت بتلبية المطالب فواصلت الحركة نضالها بطريقة جد سلمية وكانت النتيجة أن وقع تسجيل أكثر من 1000 موطن شغل في البداية ثم توسعت في آليات مختلفة بيئية ، حضائر مسترسلة وتكوين وتكفلت الدولة بتشغيل بعض من أصحاب الشهادات وبعث معمل للخياطة شغل في البداية 51 عاملا وارتفع العدد بعد فترة ... حينها استبشر الناس خيرا وكان رموز الحركة يحرصون دائما على الهدوء وعدم الفوضى ووجدوا في ذلك آذانا صاغية من طرف الأهالي وشبابنا المتحضر الذي أثبت أنه على درجة عالية من الوعي ولكن المفاجأة كانت في تراجع السلط المحلية ورفضها الحوار ، وبصفتي مواطنة تونسية وشاهدة عما جرى في الرديف فإنني أغتنم هذه الفرصة التي تتيحها لي الطريق الجديد للتوضيح لمن يهمهم الأمر وللرأي العام أن الاحتجاجات كانت جد سلمية طيلة مراحل الحركة وأؤكد على أن الهدف من الحركة النضالية لم يكن أبدا هدفا شخصيا أو مصلحة خاصة بالنسبة لزوجي عدنان الحاجي ولغيره من رموز الحركة الاحتجاجية بالرديف بل كانت مطالب تهم المصلحة العامة وكان الدافع الإحساس بأهل الرديف وما يعانونه من حرمان وخصاصة ولكن للأسف لم يكن جزاءهم ومنابهم من ثروة الحوض المنجمي سوي المأساة والتعذيب بمناطق الشرطة والزج بهم أخيرا في السجون ورغم ذلك فالأمل يبقى كبيرا في عودة المظلوم ، وحتى تتم الفرحة بالرديف أناشد رئيس الدولة والسلط المركزية إطلاق سراح زوجي عدنان الحاجي وجميع الموقوفين والمساجين من أهالي الرديف
صالح بن العربي عزالديني والد السجين رضا بن صالح عزالديني
لقد استبشرنا بالقرارات المتخذة في المجلس الجهوي الممتاز لولاية قفصة والذي تم تحت إشراف الرئيس زين العابدين بن علي وهي قرارات سيكون لها أثر طيب على الجهة وعلى مدينتنا الرديف ونحن اذ نشكر سيادته على هذه القرارات والمشاريع المقررة لفائدتنا فإننا نتوجه له بنداء حار من أجل إطلاق سراح أبنائنا من السجون خاصة وقد أشار في خطابه إلى المتسببين في الاحتجاجات وأملنا كبير في استجابة رئيس الدولة لنداء أهالي الرديف فليس عزيزا عليه أن يطلق سراح أبنائنا وأن يوقف المحاكمات والتتبعات في حق شباب مدينة الرديف.
هذا وقد اعتبر العديد ممن اتصلنا بهم أن كل ما اتخذ من قرارات وإجراءات لفائدة الحوض المنجمي وعلى أهميته فإنه سيبقى منقوصا طالما لم يتبعه قرار بإطلاق سراح كافة الموقوفين والمسجونين وإلغاء كافة التتبعات والأحكام الصادرة في حق أبناء الحوض المنجمي ورفع الحصار البوليسي المضروب على مدينة الرديف والكف عن إيقاف شباب المدينة والمتواصل إلى حد يومنا هذا ( إيقاف العيد بن علي موظف بشركة السكك الحديدية يوم الثلاثاء 22 جويلية 2008 ) فهم يرون أن هذه الخطوة هي التي ستعطي معنا وطعما للإجراءات المتخذة في المجلس الجهوي الممتاز...
عريضة إلى رئيس الدولة
وجه العديد من مواطني الرديف عريضة لرئيس الدولة هذا نصها : " سيدي رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن على إني المواطن ........ اطلب الرأفة بأبنائكم بالرديف وإطلاق سراح الموقوفين ودمتم لتونس خير أب وراع " كما وجهت رسالة في نفس الاتجاه من بعض أهالي مدينة الرديف في شكل نداء لرئيس الدولة هذا نصها : " نحن أبناؤك مواطنو مدينة الرديف نتوجه إلى جنابكم الكريم بندائنا هذا مستغيثين وراجين من سيادتكم الرأفة بأبنائكم في الرديف والنظر بعين الرحمة إلى الأمهات وتضميد الجراح وإطلاق سراح الموقوفين وكلنا أمل في كبير عطفكم ورحابة صدركم ودمتم لتونس خير أب وسند. "
حديث مع العمة يسمينة والدة السجينين طارق حليمي وهارون حليمي " ابناي بريئان "
تعتبر السيدة يسمينة بنت عمار سلاوي 61 سنة والدة المسجونين طارق وهارون حليمي والأرملة منذ 1984 مثالا للمرأة المكافحة التي خابرت كل صنوف المتاعب وهي تؤمن لقمة العيش لأبنائها السبعة طارق 43 سنة ، معلم ونقابي له ثلاثة أبناء ، عمر 41 سنة و موسى 32 سنة أستاذان تعليم ثانوي ، محمد 38 سنة وعبد الله 36 سنة مقيمان بالمهجر ، بسمة 29 سنة متحصلة على الأستاذية في الانقليزية (جوان 2008 ) وهارون 27 سنة طالب بكلية الآداب بمنوبة ، والسيدة يسمينة وبعد أن أنقذت عائلة بأكملها وأوصلتها بر الأمان أشرفت بنفسها على تسليم ابنيها للأجهزة الأمنة ونلتقيها لنفتح لها نافذة لتعبر عما يختلج في صدرها وهي التي خالت أن زمن المتاعب قد انتهى .
1. لو تحدثينا عن المداهمات والمضايقات الأخيرة التي تعرضت لها العائلة
أول المداهمات كانت صبيحة 05 جوان الساعة الخامسة والنصف صباحا من طرف مجموعة كبيرة من رجال البوليس حيث داهموا بيت ابني طارق ومنزلي ومنزل ابني عمر بحثا عن هارون الذي غادر صباحا متجها إلى العاصمة للإلتحاق بكليته وأوقفوا إخوته وتبينوا هويتهم ثم أطلقوا سراحهم بعد مدة قصيرة وقد كتمت عنهم تعمد أحد أعوان البوليس ضربي والاعتداء علي باللفظ البذيء . وتكررت المداهمة صبيحة اليوم الموالي في نفس التوقيت وهو ما شاهده الجيران حيث شمل الطوق الأمني كل أرجاء الحي فالعيون كانت منتشرة في كل زاوية من زواياه مما منع الأقارب من زيارتنا ومواساتنا في هذه المحنة مخافة تتبع أحدهم أو مداهمة منزله كما تكررت المداهمة والترويع يوم اعتقال عدنان الحاجي صبيحة 22 جوان بحثا عن هارون وكذلك طارق وقد أوقف أخوهم عمر و أطلق سراحه الساعة الخامسة صباحا وعاد راجلا رغم إعاقته كذلك يوم 30 جوان بحثا عن ابني طارق عقب التحاقه بعمله بمدرسة "زمرة" وقد داهموا يومها مجموعة من بيوت الأقارب ولكن دون جدوى عندها عاد رئيس منطقة الشرطة صحبة أحد أعوانه ورئيس مركز الشرطة بالرديف وفتشوا منزل ابني طارق وأخذوا معهم سجلاته ودفاتره المدرسية. وقد تعرضت للاستجواب أكثر من مرة حول أموال تركها ابني المهاجر في آخر زياراته لنا كما تعرضت زوجة ابني طارق إلى الإستجواب من طرف البوليس حول مبلغ مالي قيل لنا أنه موجود بالبيت وهو ما نفته جملة وتفصيلا وتحت الضغط والخوف من اعتقالها واعتقالي اضطرت لاستعارة المبلغ من أحد الأقارب وسلمته لرئيس منطقة الشرطة بالمتلوي . هكذا انتشر الحزن ودب القلق وكانت حالة الفاجعة تحاصرنا صباحا مساء ويخنقنا الحصار ويكبلنا الطوق البوليسي وتشلنا الرقابة.
2. كيف تم إيقاف ابنيك طارق وهارون
قرر ابني طارق عقب حالة الرعب والمداهمات التي تعرضت لها منازلنا ومنازل أقاربنا أن يسلم نفسه انتصارا منه للعقل وايمانا منه بعدالة موقفه وترجيحه للحكمة وامتثالا للقانون ونبهنا إلى أن أخاه هارون يجب أن يسلم نفسه هو الآخر رغم أني لم أره منذ 05 جوان فقد كنت على موعد آخر لتسليم ابني الثاني بعد يومين من تسليم كبير أبنائي ولكم أن تتصوروا حالتي وأنا أسلم بيدي اعز أبنائي أكبرهم وأصغرهم أمام العديد من الجيران مرة لرئيس منطقة الحرس بالمتلوي وأخرى لمسؤول من جهاز الشرطة وكانت مصيبتي أكبر عندما يعلن أن ابنيا قد ألقي عليهما القبض والحال أنني من سلمتهما لرجال الأمن .هكذا يختطف الأبناء من أمهاتهم .
3. ما تعليقك على التهم الموجهة لأبنيك
التهم المنسوبة لأبني الكبير طارق وابني الصغير هارون تهم باطلة هما بريئان منها لأنهما أكبر من أن يكونا محل شبهة وهذا ما عرفا به لدى أهالي المدينة فلا تربيتهما ولا تفكيرهما ولا سلوكهما ينم عن مثل هذه الجرائم فلا التمرد ولا العصيان من ثقافتهم ولا العنف ولا الفساد من طباعهم فحبهم للناس وللتآزر والتضامن والتكافل ينفي ما نسب إليهما والأهل والأقارب أكبر شاهد على ذلك
4. كيف تنظرين للإجراءات المتخذة لفائدة الجهة في المجلس الجهوي الممتاز لولاية قفصة والذي أشرف عليه رئيس الدولة.
فاتحة الخطاب فاتحة لإمكان حوار جدي ومسؤول يعطي لكل ذي حق حقه وفيه من تلمس المعضلات وتشخيص الإشكالات ما يكشف النقاب عما كان مستورا وعقب ذلك مشاريع وإجراءات تعد مكاسب لأبناء الجهة ننتظر تطبيقها لتعم الفائدة وكنت آمل أن تختم تلك الإجراءات بقرار الإفراج عن الموقوفين وإيقاف التتبعات والمحاكمات ليعود الأبناء لأحضان أمهاتهم وسيبقى الأمل في ذلك كبيرا .
5. كلمة ختام
أطلب من كل أطياف المجتمع المدني وكل المناضلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين التدخل لفك أزمة الموقوفين والمساجين وتخفيف معاناة ومأساة عائلاتهم وحالة الحزن والكرب والقلق والفاجعة التي تحاصر مدينة الرديف .
عمر قويدر


الطريق الجديد العدد 90 من 26 جويلية إلى 01 أوت 2008

ليست هناك تعليقات: