22‏/11‏/2008

ردي على الإعتداء الذي تعرضت إليه


ردي على رسالة الخميس
شكّلت الحركة الاحتجاجيّة للشباب المعطل عن العمل ولأهالي الحوض المنجمي تحديا حقيقيا للسلطة فبالإضافة إلى مشروعية المطالب المرفوعة والأسلوب الحضاري السلمي المتبع طيلة الأشهر الخمسة الماضية ، فإن القيادات المؤطرة لهذه الحركة حرصت على إعلاء منطق الحوار والتفاوض لتحقيق المكاسب . لكن إرادة خفية اختارت أن تؤزم الوضع وأن تسير به نحو التعاطي الأمني والقضائي فأطلقت اليد لانتهاكات غريبة طالت الأشخاص والممتلكات وجعلت أهالي الرديف يعيشون وضعا مأساويا في ظل شعور متنامي بالاستهداف والتنكيل غير المبرّر...
في هذا الإطار تندرج سلسلة الاعتقالات والملاحقات والمحاكمات التي طالت المحتجّين وأعمال الترهيب التي طالت نشطاء المجتمع المدني من الذين ساندوا الحركة ، ونقلوا تطوّراتها إعلاميا عبر الصحافة الوطنيّة ، وهو ما يدفعني للحديث عن استهدافي شخصيا في ليلة الخميس 26/01/2008 من طرف عوني بوليس بالزيّ المدني ، عنّفني أحدهما واسمه "عبد الرؤوف بن سليمان" بشراسة لا يتسع المقام لسرد تفاصيلها ، لكن من الضروري ذكر الرسالة المنقولة عبر هذه الطريقة الهمجيّة والتي مفادها أن أتوقف فورا عن تغطية أحداث الحوض المنجمي وفي مدينة الرديّف بالتحديد ، وإلاّ سألاقي مصيرا مفزعا ـ هكذا وبكلّ وضوح ـ لقد كان وقع الصدمة عليّ كبيرا إذ لم أتخيّل إطلاقا حجم الغلّ الذي تحمله بعض الأطراف على الحقيقة ، الحقيقة التي خلت نفسي أحملها بأمانة للرأي العام ولأصاحب الأمر ليتدخّلوا حتّى يوقفوا مأساة مدينة الرديّف التي لم أتعاطف معها فقط كنقابي وحقوقي وناشط سياسي بل كأحد أبنائها الذين ولدوا و ترعرعوا على وقع خطى عمّالها وكادحيها واستمعت إلى زفرات آلامهم ومعاناتهم وكان كما يقال " لحم أكتافي" من جهد والدي الذي قضّى كغيره من أهالي الجنوب الغربي زهرة شبابه في دواميس المناجم وقودا لثروة لا ينالون منها إلا الفتات...خلت أني لم أقم بجريمة عندما انحزت إلى أهلي وبلّغت أصواتهم إلى المسؤولين والرأي العام طلبا لنجدتهم ، وكان ذلك من خلال صحيفة وطنيّة ديمقراطيّة ظلّ الحزب الذي تنطق باسمه يساهم لعقود من الزمن في بناء تونس جميلة خالية من الحيف والاضطهاد .لقد بلغتني الرسالة فأيقنت أنّ من يترصّد مربّيا مسالما ليعتدي عليه في مقبرة مظلمة لأنه كتب الحقيقة ، لا يزال يرهن تونسنا في قبضة القروسطيّة السياسية المقيتة ألا تكون واحة لحريّة الرأي والتعبير .ويعمل على تكريس أشياء يخالف دستورها وقوانينها ومؤسساتها وقيم مصلحيها . أي تكريس لغة الرأي الواحد الذي تحميه الهراوة والعضلة المفتولة ولا تحميه الحجّة...
لقد وقع الاعتداء عليّ وللأسف الشديد في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ...وأدركت ليلتها كم هو مرّ على الانسان أن يهينه ابن بلده .كنت ربّما درّست ذلك الشخص ولكن يا هول هذا الواقع الذي قد يهين فيه التلميذ معلّمه ، و يا خيبة المسعى في أن يكون كلّ الناس مهما كانت شخصياتهم الاعتباريّة سواسية أمام عنجهيّة عون بوليس لا يرى في الآخرين إلاّ أهدافا لمهمّة مهنيّة تقتضي من ضمن ما تقتضيه الضرب والشتم والتهديد .ورغم وضوح الرسالة القادمة من "فوق" كما ذكر لي حاملها فإنني أفترض أن هذا العون متجاوز لسلطته الشيء الذي ترجمته في شكوى قضائيّة ضدّه مودعة لدى المحكمة الابتدائيّة بتوزر بتاريخ 28/06/2008 . وقد كنت أودعت شكوى أخرى قبل هذه بتاريخ 15/10/2007 لدى نفس المحكة في حقّ مسؤول أمني بالجهة لتهديدات صدرت عنه غداة توجّهي صحبة الكاتب العام لجامعة توزر للحزب الديمقراطي التقدّمي نحو مقرّ ولاية توزر يوم 08 أكتوبر 2007 لتسليم رسالة احتجاج عن إغلاق المقرّ المركزي للحزب المذكور . وكانت كلّ تلك الشكاوى التي رفعتها صادرة عن إيماني العميق بأنّه ما ضاع حق وراءه مطالب وأن القضاء يبقى دائما وفي كلّ الأحوال ملاذا للمظلومين لأنّه لا يخلوا من المنصفين ولأنه في الأخير حجّة توثّق الانتهاكات التي يمكن الرجوع إليها والنظر فيها ولو بعد فترة من الزمن...
عمر قويدر

الطريق الجديد العدد 87 من 05 إلى 11 جوان 2008 (03)

ليست هناك تعليقات: