إجتماع تضامني بالقيروان مع أهالي الحوض المنجمي
بدعوة كريمة من السيد الناصر لعجيلي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان تحول يوم الأحد 5 أكتوبر 2008 وفد من أهالي مساجين مدينة الرديف مكون من السيد عمر حليمي شقيق السجينين طارق وهارون حليمي والأختين ليلى خالد حرم السجين بشير لعبيدي ووالدة السجين مظفر لعبيدي وجمعة جلابي حرم السجين عدنان حاجي إلى مدينة القيروان لحضور اليوم التضامني مع أهالي الحوض المنجمي والذي انتظم بمقر الإتحاد الجهوي للشغل وتحت إشراف السيد حسين العباسي الأمين المساعد المكلف بالتشريع والنزاعات . وهي ليست المرة الأولى التي يتحرك فيها الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان لنصرة أهله في الحوض المنجمي وقد لعب دورا مميزا بمعية اتحادات جهوية أخرى منها الإتحاد الجهوي ببن عروس والإتحاد الجهوي بجندوبة في توضيح حقيقة ما يجري في مدن الحوض المنجمي وتفعيل المد التضامني مع المساجين والموقوفين منهم ، الشيء الذي ينظر إليه بكثير من التقدير والإكبار رغم التعتيم الإعلامي على هذه الأنشطة . هذا لقاء حضره بالإضافة إلى نقابيي الجهة والسيد محمد حليم الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي والضيوف المذكورين كل من الأستاذ عبد الجليل بدوي والعميد الأستاذ عبد الستار بن موسى والأستاذ رشيد الشملي والأستاذ مسعود الرمضاني منسق اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي .
رفع التجميد ودعم المد التضامني
بعد ترحيب السيد الناصر لعجيلي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بالحضور وبالضيوف القادمين من خارج الجهة تولى استعراض أهم محطات الحركة الاحتجاجية بمدن الحوض المنجمي مشيدا بالدور الحيوي الذي لعبه نقابيو الجهة ومنددا بالطريقة القمعية التي تعاملت بها السلطة مع أهالي الحوض المنجمي مشددا على أن الآلة الأمنية والعسكرية وترهيب النقابيين والمواطنين والزج بشباب الحوض المنجمي بالسجون لن يحل المشكل ولن يزيد الوضع إلا تأزما واحتقانا كما تعرض إلى الموقف الحالي المشرف للإتحاد العام التونسي للشغل من الأزمة مشيرا إلى التطور الحاصل فيه والذي باركته كل العزائم الصادقة باعتبار أن قدر الإتحاد هو الانحياز إلى الحق والعدل وإلى الفئات المحرومة ، ودعا في ختام كلمته إلى أن تواكب جريدة الشعب موقف الإتحاد العام التونسي للشغل وأن تلعب دورها الطبيعي والحقيقي في كسر حاجز التعتيم الإعلامي على هذه القضية لأن قضية الحوض المنجمي ليست قضية داخلية مناشدا كل نفس ديمقراطي داخل الإتحاد بالمطالبة برفع التجميد على المناضل النقابي عدنان حاجي قبل خروجه من السجن حتى لا يقال أن الإتحاد طرف في عقابه
مؤشرات الأزمة موجودة في عدة ولايات
قدّم الأستاذ عبد الجليل بدوي بعض المعطيات من دراسة لم تكتمل بعد كلف بالإشراف على إعدادها من طرف الإتحاد العام التونسي للشغل ليؤكد من خلالها أن الأزمة وإن بقيت في بعض مدن الحوض المنجمي فإن مؤشراتها وظروفها الموضوعية متوفرة في أكثر من ولاية حيث أشار إلى وجود انتكاسات في التنمية وتقلص في عدد السكان رغم النمو الديمغرافي والنزوح في كل من ولايات قفصة ، القصرين ، باجة ، الكاف ، سيدي بوزيد ، سليانة والقيروان وأرجع هذه الانتكاسات إلى الاختيارات السياسية غير الموفقة وإلى غياب الوعي بحجم وتعقيد الإشكالات التنموية ووصف الخطاب الذي يحصر أزمة الحوض المنجمي في إخلالات في مناظرة شركة فسفاط قفصة أو في صراعات نقابية بالسطحية والهروب من الحقيقة وتحمل المسؤولية لأن جذور الأزمة بالحوض المنجمي تعود إلى السياسات الاقتصادية المعتمدة منذ الاستقلال وازدادت استفحالا مع ما شهدته البلاد في السنوات الأخيرة من تراجع لدور الدولة خاصة في دعم الفلاحة وتقلص نسق امتداد الشركات العمومية بسبب الخوصصة وإعادة الهيكلة كما وقع في شركة فسفاط قفصة ودخول المناولة لهذه الشركات مذكرا كذلك بطبيعة رأس المال الذي يميل إلى المناطق التي تتوفر فيها كل عناصر الإنتاج والقرب من مواقع التصدير وهو ما وجده في الشريط الساحلي مما أدى إلى ازدياد الأنشطة في هذا الشريط ، وقد أشار الأستاذ عبد الجليل بدوي إلى ما أسماه " بتوعك " في المؤسسات التي لم تعد قادرة على التنبؤ وردت الفعل رغم كل المؤشرات الدالة على وجود مشاكل وقرب الانفجار وهو ما يفسر حسب رأيه التذبذب في مواقف السلطة التي أعلنت على بعض الإجراءات بعد 05 أشهر من انطلاق الاحتجاجات وهي إجراءات افتقدت التناغم والتكامل فيما بينها وجلها وارد بالمخطط الحادي عشر وهو ما يوحي بالاستمرارية بنفس السياسات . وقد وعد في آخر مداخلته بالإتيان على الأسباب الحقيقية التي فجرت الأزمة الاجتماعية بالحوض المنجمي واقتراح بدائل تنموية حقيقية تراعي خصائص الجهة في الدراسة التي يشرف على إعدادها لأن الأزمة حسب رأيه لم تعالج بعد وهي مرجحة للظهور في أكثر من منطقة
حل الأزمة لن يكون قضائيا
تعرض السيد العميد إلى مجهودات المحامين وانخراطهم المبدئي في الدفاع عن مساجين الحركة الإحتجاجية السلمية بمدن الحوض المنجمي مشيرا إلى دورهم المبدئي في كل الأحداث الكبرى التي شهدتها البلاد ومنها أحداث 1978 و 1984 "فالمحاماة رسالة أو لا تكون وستبقى كذلك إلى أبد الآبدين "كما ثمن موقف الإتحاد العام التونسي للشغل من الأزمة والذي كلفه منذ سبتمبر بتمثيله في المحاكمات معلنا أن دفاعه كزملائه تطوعي ودعا إلى توجيه أتعابه ـ بعد إذن الإتحاد ـ إلى أهالي الحوض المنجمي الذين هم في أمس الحاجة إلى وقفة تضامنية ، واستعرض بأكثر تفصيل ما رآه من خروقات قانونية وتجاوزا للسلطة في محاكمات الحوض المنجمي إذ تم إيقاف النقابيين والأساتذة والمعلمين المنتمين إلى لجنة التفاوض وغيرهم من النشطاء بمقرات سكناهم وبمقرات عملهم وحررت ضدهم محاضر استنطاق ومحاضر احتفاظ مخالفة للقانون وخاصة لأحكام الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية وقد وصل عدد الموقوفين على خلفية الاحتجاجات قرابة 300 شاب منهم من أحيل على المحكمة الإبتدائية بقفصة (24 قضية) ومنهم من أحيل على محكمة الناحية بالمتلوي (6 قضايا) كما أكدت الأغلبية الساحقة للمتهمين أن محاضر الاستنطاق أعدت سلفا وأمضوا عليها تحت وطأة التعذيب ودون الإطلاع على فحواها كما تعرض إلى القضية التحقيقية المتعلقة بقيادات الحركة ورفاقهم التي صدر فيها قرار ختم البحث قاض بإحالة 60 متهما على المحكمة منهم 28 بحالة إيقاف و25 بحالة سراح و 7 بحالة فرار وقد استعرض التهم الموجهة إليهم 1953 وهي تهم خطيرة تصل مدة العقاب البدني بالنسبة لبعضها إلى 12 سنة سجنا وقد خلص السيد العميد إلى أن حل هذه الأزمة لن يكون قضائيا وتمنى أن يكون سياسيا داعيا في آخر تدخله بعد شكره الإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان إلى تطوير التضامن مع أهالي الحوض المنجمي واعتباره واجبا وطنيا.
معاناة عائلات المساجين
تعرض كل من عمر حليمي ، جمعة الجلابي وليلى خالد إلى معاناتهم ومعانات عائلات أهالي المساجين مشيرين إلى إبعاد المساجين وتوزيعهم على أكثر من سجن بقفصة والقصرين ( بشير لعبيد وعدنان حاجي) وسيدي بوزيد ( الطيب خليفي ) إضافة إلى التفريق بين الأخ وأخيه والأب وإبنه وما تتكبده العائلة للوصول إلى سجنين أربعة مرات في الأسبوع يوم زيارة ويوم لحمل القفة لكل سجين كما أشاروا إلى الحالة الصحية للسجناء وما يعانيه كل من بشير لعبيدى وعدنان حاجي والطيب خليفي وقد أثنوا جميعا على موقف الإتحاد العام التونسي للشغل ودعوا الأمين العام إلى مواصلة مجهوداته حتى يعود النقابيون وشباب مدينة الرديف إلى أهاليهم مؤكدين للحضور أن النقابيين القابعين بالسجون الآن لم يحيدوا يوما على مبادئ الإتحاد وأهدافه النبيلة شاكرين القيادة النقابية الجهوية بكل من القيروان وبن عروس وجندوبة وكذلك القيادة الوطنية على المجهودات المبذولة لفك أسر المساجين متمنين أن تثمر مساعيهم في القريب العاجل حتى تعود لهم ولأهل الرديف البسمة.
مساع حثيثة للإتحاد
وركز الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي وباعتباره أصيل المنطقة على الجانب النقابي لدى بشير لعبيدي وعدنان حاجي معلما الحضور أن بشير لعبيدي هو أول من أسس النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالرديف وأم العرائس وأنه بمعية النقابي عدنان حاجي كانا في طليعة المناضلين النقابيين المدافعين على استقلالية الإتحاد وقد تصدوا بكل اقتدار إلى "الأصوليين" و"الشرفاء" وهم ورفاقهم النقابيين ـ 07 من التعليم الأساسي ـ في السجون اليوم من أجل دفاعهم عن حق الشغل والكرامة مؤكدا أن الإتحاد لم ولن يتخلى عن أبنائه وأن مجهودات كبيرة مبذولة الآن من طرف الإتحاد لإنهاء هذه الأزمة.
استهل السيد حسين العباسي تدخله بتوجيه تحية نقابية للحضور وللضيوف باسم الإتحاد وبإسم الأمين العام مباركا اللقاء التضامني الذي جاء متناغما مع موقف القيادة النقابية متمنيا أن تتكرر هذه اللقاءات وأن يتدعم المد التضامني ليشمل كل الاتحادات الجهوية والهياكل النقابية . وتعليقا على ملاحظات البعض حول موقف الإتحاد في بداية أزمة الحوض المنجمي قال السيد حسين العباسي " كي نكون منصفين مع أنفسنا ومع إتحادنا العام التونسي للشغل نقول إننا لم نكن غائبين تماما في بداية أزمة الحوض المنجمي وأيضا لم نعط الموضوع العناية الكافية " وقد تعرض باقتضاب إلى الأسباب التي حالت دون المساك بزمام الأمور من البداية مذكرا في ببيانات الإتحاد في الموضوع وبتدخل الأمين العام شخصيا للمساعدة على إطلاق سراح الموقوفين يوم 10 أفريل وكذلك تدخله لإطلاق سراح مساجين ولاية القصرين ليخلص إلى أن الإتحاد لم يغب عن الأحداث وأنه الآن يمسك بزمام الأمور ويتحرك على أكثر من صعيد حيث بادر بتكليف نخبة من الجامعيين برئاسة الأستاذ عبد الجليل بدوي لإعداد دراسة علمية حول واقع الجهة والسبل الكفيلة بمعالجة الأزمة من جذورها وهو يواكب المحاكمات من خلال أعضائه ومن خلال المحامين الذين كلفهم للدفاع عن المتهمين ومن جهة أخرى يعمل الإتحاد حاليا على الإحاطة الاجتماعية والمادية بكل العائلات التي سجن أو أوقف عائلها ـ سواء كان عاملا أو موظفا ـ ولم يعد لها مورد رزق وقد أكد السيد حسين العباسي أن الاتصالات متواصلة لتطويق هذه الأزمة وأن الإتحاد بصدد إعداد ملف ليعالجه الأمين العام مع الرئاسة لأن الإتحاد مقتنع أن المعالجة السياسية لهذه الأزمة هي وحدها الكفيلة بإعادة الهدوء إلى المنطقة مشيرا في نفس الوقت إلى أن مقترحات الإتحاد لم يقع رفضها متمنيا أن تسير الأمور في القريب نحو الانفراج الذي يعني حسب الإتحاد إطلاق سراح المساجين وإيقاف التتبعات على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية ورجوع العمال والموظفين إلى سالف عملهم .
زيارة تضامنية لعائلتي مسعود الرمضاني وزكية الضيفاوي
أدى وفد الرديف المكون من عمر حليمي وجمعة جلابي وليلى خالد زيارة تضامنية لعائلتي مسعود الرمضاني منسق اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي وزكية الضيفاوي لتقديم تهاني العيد والتعبير عن التضامن وللمساهمة في كسر الحصار الذي عاينه الوفد أثناء الزيارة والمفروض على منسق اللجنة الوطنية نتيجة مساهماته في مساندة الحركة الاحتجاجية السلمية بمدن الحوض المنجمي والتعريف بها.
عمر قويدر
الطريق الجديد العدد 97 من 11 إلى 17 أكتوبر 2008
بدعوة كريمة من السيد الناصر لعجيلي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان تحول يوم الأحد 5 أكتوبر 2008 وفد من أهالي مساجين مدينة الرديف مكون من السيد عمر حليمي شقيق السجينين طارق وهارون حليمي والأختين ليلى خالد حرم السجين بشير لعبيدي ووالدة السجين مظفر لعبيدي وجمعة جلابي حرم السجين عدنان حاجي إلى مدينة القيروان لحضور اليوم التضامني مع أهالي الحوض المنجمي والذي انتظم بمقر الإتحاد الجهوي للشغل وتحت إشراف السيد حسين العباسي الأمين المساعد المكلف بالتشريع والنزاعات . وهي ليست المرة الأولى التي يتحرك فيها الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان لنصرة أهله في الحوض المنجمي وقد لعب دورا مميزا بمعية اتحادات جهوية أخرى منها الإتحاد الجهوي ببن عروس والإتحاد الجهوي بجندوبة في توضيح حقيقة ما يجري في مدن الحوض المنجمي وتفعيل المد التضامني مع المساجين والموقوفين منهم ، الشيء الذي ينظر إليه بكثير من التقدير والإكبار رغم التعتيم الإعلامي على هذه الأنشطة . هذا لقاء حضره بالإضافة إلى نقابيي الجهة والسيد محمد حليم الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي والضيوف المذكورين كل من الأستاذ عبد الجليل بدوي والعميد الأستاذ عبد الستار بن موسى والأستاذ رشيد الشملي والأستاذ مسعود الرمضاني منسق اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي .
رفع التجميد ودعم المد التضامني
بعد ترحيب السيد الناصر لعجيلي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بالحضور وبالضيوف القادمين من خارج الجهة تولى استعراض أهم محطات الحركة الاحتجاجية بمدن الحوض المنجمي مشيدا بالدور الحيوي الذي لعبه نقابيو الجهة ومنددا بالطريقة القمعية التي تعاملت بها السلطة مع أهالي الحوض المنجمي مشددا على أن الآلة الأمنية والعسكرية وترهيب النقابيين والمواطنين والزج بشباب الحوض المنجمي بالسجون لن يحل المشكل ولن يزيد الوضع إلا تأزما واحتقانا كما تعرض إلى الموقف الحالي المشرف للإتحاد العام التونسي للشغل من الأزمة مشيرا إلى التطور الحاصل فيه والذي باركته كل العزائم الصادقة باعتبار أن قدر الإتحاد هو الانحياز إلى الحق والعدل وإلى الفئات المحرومة ، ودعا في ختام كلمته إلى أن تواكب جريدة الشعب موقف الإتحاد العام التونسي للشغل وأن تلعب دورها الطبيعي والحقيقي في كسر حاجز التعتيم الإعلامي على هذه القضية لأن قضية الحوض المنجمي ليست قضية داخلية مناشدا كل نفس ديمقراطي داخل الإتحاد بالمطالبة برفع التجميد على المناضل النقابي عدنان حاجي قبل خروجه من السجن حتى لا يقال أن الإتحاد طرف في عقابه
مؤشرات الأزمة موجودة في عدة ولايات
قدّم الأستاذ عبد الجليل بدوي بعض المعطيات من دراسة لم تكتمل بعد كلف بالإشراف على إعدادها من طرف الإتحاد العام التونسي للشغل ليؤكد من خلالها أن الأزمة وإن بقيت في بعض مدن الحوض المنجمي فإن مؤشراتها وظروفها الموضوعية متوفرة في أكثر من ولاية حيث أشار إلى وجود انتكاسات في التنمية وتقلص في عدد السكان رغم النمو الديمغرافي والنزوح في كل من ولايات قفصة ، القصرين ، باجة ، الكاف ، سيدي بوزيد ، سليانة والقيروان وأرجع هذه الانتكاسات إلى الاختيارات السياسية غير الموفقة وإلى غياب الوعي بحجم وتعقيد الإشكالات التنموية ووصف الخطاب الذي يحصر أزمة الحوض المنجمي في إخلالات في مناظرة شركة فسفاط قفصة أو في صراعات نقابية بالسطحية والهروب من الحقيقة وتحمل المسؤولية لأن جذور الأزمة بالحوض المنجمي تعود إلى السياسات الاقتصادية المعتمدة منذ الاستقلال وازدادت استفحالا مع ما شهدته البلاد في السنوات الأخيرة من تراجع لدور الدولة خاصة في دعم الفلاحة وتقلص نسق امتداد الشركات العمومية بسبب الخوصصة وإعادة الهيكلة كما وقع في شركة فسفاط قفصة ودخول المناولة لهذه الشركات مذكرا كذلك بطبيعة رأس المال الذي يميل إلى المناطق التي تتوفر فيها كل عناصر الإنتاج والقرب من مواقع التصدير وهو ما وجده في الشريط الساحلي مما أدى إلى ازدياد الأنشطة في هذا الشريط ، وقد أشار الأستاذ عبد الجليل بدوي إلى ما أسماه " بتوعك " في المؤسسات التي لم تعد قادرة على التنبؤ وردت الفعل رغم كل المؤشرات الدالة على وجود مشاكل وقرب الانفجار وهو ما يفسر حسب رأيه التذبذب في مواقف السلطة التي أعلنت على بعض الإجراءات بعد 05 أشهر من انطلاق الاحتجاجات وهي إجراءات افتقدت التناغم والتكامل فيما بينها وجلها وارد بالمخطط الحادي عشر وهو ما يوحي بالاستمرارية بنفس السياسات . وقد وعد في آخر مداخلته بالإتيان على الأسباب الحقيقية التي فجرت الأزمة الاجتماعية بالحوض المنجمي واقتراح بدائل تنموية حقيقية تراعي خصائص الجهة في الدراسة التي يشرف على إعدادها لأن الأزمة حسب رأيه لم تعالج بعد وهي مرجحة للظهور في أكثر من منطقة
حل الأزمة لن يكون قضائيا
تعرض السيد العميد إلى مجهودات المحامين وانخراطهم المبدئي في الدفاع عن مساجين الحركة الإحتجاجية السلمية بمدن الحوض المنجمي مشيرا إلى دورهم المبدئي في كل الأحداث الكبرى التي شهدتها البلاد ومنها أحداث 1978 و 1984 "فالمحاماة رسالة أو لا تكون وستبقى كذلك إلى أبد الآبدين "كما ثمن موقف الإتحاد العام التونسي للشغل من الأزمة والذي كلفه منذ سبتمبر بتمثيله في المحاكمات معلنا أن دفاعه كزملائه تطوعي ودعا إلى توجيه أتعابه ـ بعد إذن الإتحاد ـ إلى أهالي الحوض المنجمي الذين هم في أمس الحاجة إلى وقفة تضامنية ، واستعرض بأكثر تفصيل ما رآه من خروقات قانونية وتجاوزا للسلطة في محاكمات الحوض المنجمي إذ تم إيقاف النقابيين والأساتذة والمعلمين المنتمين إلى لجنة التفاوض وغيرهم من النشطاء بمقرات سكناهم وبمقرات عملهم وحررت ضدهم محاضر استنطاق ومحاضر احتفاظ مخالفة للقانون وخاصة لأحكام الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية وقد وصل عدد الموقوفين على خلفية الاحتجاجات قرابة 300 شاب منهم من أحيل على المحكمة الإبتدائية بقفصة (24 قضية) ومنهم من أحيل على محكمة الناحية بالمتلوي (6 قضايا) كما أكدت الأغلبية الساحقة للمتهمين أن محاضر الاستنطاق أعدت سلفا وأمضوا عليها تحت وطأة التعذيب ودون الإطلاع على فحواها كما تعرض إلى القضية التحقيقية المتعلقة بقيادات الحركة ورفاقهم التي صدر فيها قرار ختم البحث قاض بإحالة 60 متهما على المحكمة منهم 28 بحالة إيقاف و25 بحالة سراح و 7 بحالة فرار وقد استعرض التهم الموجهة إليهم 1953 وهي تهم خطيرة تصل مدة العقاب البدني بالنسبة لبعضها إلى 12 سنة سجنا وقد خلص السيد العميد إلى أن حل هذه الأزمة لن يكون قضائيا وتمنى أن يكون سياسيا داعيا في آخر تدخله بعد شكره الإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان إلى تطوير التضامن مع أهالي الحوض المنجمي واعتباره واجبا وطنيا.
معاناة عائلات المساجين
تعرض كل من عمر حليمي ، جمعة الجلابي وليلى خالد إلى معاناتهم ومعانات عائلات أهالي المساجين مشيرين إلى إبعاد المساجين وتوزيعهم على أكثر من سجن بقفصة والقصرين ( بشير لعبيد وعدنان حاجي) وسيدي بوزيد ( الطيب خليفي ) إضافة إلى التفريق بين الأخ وأخيه والأب وإبنه وما تتكبده العائلة للوصول إلى سجنين أربعة مرات في الأسبوع يوم زيارة ويوم لحمل القفة لكل سجين كما أشاروا إلى الحالة الصحية للسجناء وما يعانيه كل من بشير لعبيدى وعدنان حاجي والطيب خليفي وقد أثنوا جميعا على موقف الإتحاد العام التونسي للشغل ودعوا الأمين العام إلى مواصلة مجهوداته حتى يعود النقابيون وشباب مدينة الرديف إلى أهاليهم مؤكدين للحضور أن النقابيين القابعين بالسجون الآن لم يحيدوا يوما على مبادئ الإتحاد وأهدافه النبيلة شاكرين القيادة النقابية الجهوية بكل من القيروان وبن عروس وجندوبة وكذلك القيادة الوطنية على المجهودات المبذولة لفك أسر المساجين متمنين أن تثمر مساعيهم في القريب العاجل حتى تعود لهم ولأهل الرديف البسمة.
مساع حثيثة للإتحاد
وركز الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي وباعتباره أصيل المنطقة على الجانب النقابي لدى بشير لعبيدي وعدنان حاجي معلما الحضور أن بشير لعبيدي هو أول من أسس النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالرديف وأم العرائس وأنه بمعية النقابي عدنان حاجي كانا في طليعة المناضلين النقابيين المدافعين على استقلالية الإتحاد وقد تصدوا بكل اقتدار إلى "الأصوليين" و"الشرفاء" وهم ورفاقهم النقابيين ـ 07 من التعليم الأساسي ـ في السجون اليوم من أجل دفاعهم عن حق الشغل والكرامة مؤكدا أن الإتحاد لم ولن يتخلى عن أبنائه وأن مجهودات كبيرة مبذولة الآن من طرف الإتحاد لإنهاء هذه الأزمة.
استهل السيد حسين العباسي تدخله بتوجيه تحية نقابية للحضور وللضيوف باسم الإتحاد وبإسم الأمين العام مباركا اللقاء التضامني الذي جاء متناغما مع موقف القيادة النقابية متمنيا أن تتكرر هذه اللقاءات وأن يتدعم المد التضامني ليشمل كل الاتحادات الجهوية والهياكل النقابية . وتعليقا على ملاحظات البعض حول موقف الإتحاد في بداية أزمة الحوض المنجمي قال السيد حسين العباسي " كي نكون منصفين مع أنفسنا ومع إتحادنا العام التونسي للشغل نقول إننا لم نكن غائبين تماما في بداية أزمة الحوض المنجمي وأيضا لم نعط الموضوع العناية الكافية " وقد تعرض باقتضاب إلى الأسباب التي حالت دون المساك بزمام الأمور من البداية مذكرا في ببيانات الإتحاد في الموضوع وبتدخل الأمين العام شخصيا للمساعدة على إطلاق سراح الموقوفين يوم 10 أفريل وكذلك تدخله لإطلاق سراح مساجين ولاية القصرين ليخلص إلى أن الإتحاد لم يغب عن الأحداث وأنه الآن يمسك بزمام الأمور ويتحرك على أكثر من صعيد حيث بادر بتكليف نخبة من الجامعيين برئاسة الأستاذ عبد الجليل بدوي لإعداد دراسة علمية حول واقع الجهة والسبل الكفيلة بمعالجة الأزمة من جذورها وهو يواكب المحاكمات من خلال أعضائه ومن خلال المحامين الذين كلفهم للدفاع عن المتهمين ومن جهة أخرى يعمل الإتحاد حاليا على الإحاطة الاجتماعية والمادية بكل العائلات التي سجن أو أوقف عائلها ـ سواء كان عاملا أو موظفا ـ ولم يعد لها مورد رزق وقد أكد السيد حسين العباسي أن الاتصالات متواصلة لتطويق هذه الأزمة وأن الإتحاد بصدد إعداد ملف ليعالجه الأمين العام مع الرئاسة لأن الإتحاد مقتنع أن المعالجة السياسية لهذه الأزمة هي وحدها الكفيلة بإعادة الهدوء إلى المنطقة مشيرا في نفس الوقت إلى أن مقترحات الإتحاد لم يقع رفضها متمنيا أن تسير الأمور في القريب نحو الانفراج الذي يعني حسب الإتحاد إطلاق سراح المساجين وإيقاف التتبعات على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية ورجوع العمال والموظفين إلى سالف عملهم .
زيارة تضامنية لعائلتي مسعود الرمضاني وزكية الضيفاوي
أدى وفد الرديف المكون من عمر حليمي وجمعة جلابي وليلى خالد زيارة تضامنية لعائلتي مسعود الرمضاني منسق اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي وزكية الضيفاوي لتقديم تهاني العيد والتعبير عن التضامن وللمساهمة في كسر الحصار الذي عاينه الوفد أثناء الزيارة والمفروض على منسق اللجنة الوطنية نتيجة مساهماته في مساندة الحركة الاحتجاجية السلمية بمدن الحوض المنجمي والتعريف بها.
عمر قويدر
الطريق الجديد العدد 97 من 11 إلى 17 أكتوبر 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق